صرخةُ مربية: مقاربة بين مشهدين

Image

صرخةُ مربية: مقاربة بين مشهدين



بقلم الأخت دميانا بدر

تتراءى أمامي الأحداث اليومية وكأنها وهم...

-     كأنها صور قديمة لا لون لها، شاحبة من شدة قدمها...

-     كأنها أوراق خريف تتساقط في تشرين على حافة الطرقات...

-    كأنها فستان مزخرف ولكنه ممزق ...

أحاول أن أحتسي قهوتي كأية مواطنة ترى ولا تعلق، تسمع ولا تتكلم... تعشق وطنها حدّ الجنون...

ولكنها، لا تجد في هذه الأحداث سوى ألحاناً جديدة لوقائع تبترُ أيامها كالسيف، وتقطع طمأنينتها، وتسرق أمانيها، وتوقف أحلامها...

نعم إني أرى:

أرى في أحداثنا اليومية صورة من حقد الإنسان، فلم تتوار عني الصورة الشهيرة التي نقلت لنا مقتل الفتى الفلسطيني " محمد الدرة " على شاشات التلفزة وصفحات الصحف...

لقد رأيت بأمِّ عيني كيف كان والده يختبىء من حقد الإنسان وكراهيته، فيمدّ يده وتمتد يد طفله لطلب النجدة، ولكن! لا صراخه أنقذه ... ولا استغاثة أبيه أسكتت صوت الحقد والكراهية في البارود آنذاك... استحلفكم، كيف استطاعت يد الغدر أن تضغط على زناد موت الإنسانية والطفولة دون محاكمة أو وخزة ضمير؟

لقد خيّم الصمت، الصمت القاهر الذي ساد جراء صرخة الرصاص المدوّي كراهية وحقداً وقسوة...

إنه ...

 " محمد الدرة " الطفل الذي ابتلعه حقد الإنسانية، هو الصورة الحيّة لأطفال اليوم وشباب الغد، هو صورة لكل طالب مدرسي يُقتل اليوم في عالم " كورونا " في عالم ينادي بالتطور وبالعلم والمعرفة وحوار الحضارات، هو صورة لبراءة الطفولة وشيخوخة الشباب...  ولكنه مع الأسف يختبئ خلف متاريس الحقد والأنانية والموت البطيء، ظناً منا أنها حماية لطفولتهم ولكنها صورة لتلك القبور الخالية من الحياة، والقاتلة لطفولتهم وضحكاتهم وأحلامهم ... هكذا غدت مدارسنا.. !!

مات محمد الدرة وقد أغمض عينيه على أبشع الصور عن الإنسانية...

مات محمد الدرة وقد ماتت معه أحلامه وبريق آماله، وقد تحطّمت في قلبه صورة حمامة السلام التي رسمها ذات يوم.

أمام هذه الصورة البشعة فهل نحقق ما نحلمه لأطفالنا ولشبابنا من مستقبل زاهر بالأمل وعاجٍ بالحياة؟

-    هل يمكننا أن نضمن لأطفالنا وطناً عنوانه المحبة والسلام، في حين تشهد كل بقاع الأرض توتراً وحقداً؟

-    هل نضمن لأطفالنا مدارس عن بعد في بيوتهم، تمكنهم من التنشئة على القيم الروحية المستوحاة من الكتب السماوية المقدسة؟

•    تحقق لهم التربية الإنسانية الشاملة والمتكاملة؟

•    تزرع فيهم الالتزام والدقة في المواعيد؟

•    تخلق منهم جيلاً صالحاً يتسم بالأخلاق الحميدة المبنية على قيم واضحة المعالم؟

•    تحترم عادات وتقاليد وثقافة الآخرين؟

•    تسعى إلى معرفة كل ما هو جديد في عالم سريع التطور؟

•    تربيهم على أن الآخر هو أخي وأن اختلافه عني هو غنىً لحياتي؟

أمام هذه (الصورة) وتلك (الصورة)، نطلقها مدوية :

من الذي ضغط على الزناد هذه المرة؟؟!!